jeudi 6 septembre 2018

عرض حول الزواج - الجزء الثاني: التواصل الزواجي




التواصل الزواجي:
عند تحليل أي مشكلة زوجية، نجد كل شريك يحكيها من وجهة نظره، ولكن عند تحليلها يظهر لنا أن المشكل أساس يكمن في سوء الفهم أو أن الشريكين لم يصيبا في التفاهم، أو أن أحد الشريكين يبعث رسالة والآخر لا يستقبلها بالشكل المطلوب، أو أن أحد الشريكين يبعث رسالة والشريك الآخر يبعث أيضا رسالة في نفس الوقت وبالتالي فلا أحد منهم يستقبل رسالة الآخر[1].
والأساسي أن مهارات الإتصال الزوجي أو التواصل الزواجي هي مهارات يجب أن نعرفها ونتعلمها قبل الاقدام على الزواج، في حياتنا اليومية العادية مع كل الناس المحيطين بنا ( في العمل، في المدرسة، في السوق...)، بمعنى أن هذه المهارات لا ترتبط أساس بالزواج أو بالشريكين في العلاقة الزوجية، بل هي الأساس لبلوغ التواصل الإيجابي داخل المجتمع، وبالتالي عندما نقدم على فكرة الإرتباط نكون قد اكتسبنا هذه المهارات ليسهل علينا تفعيلها في حياتنا الزوجية.
فماهي هذه الاليات التي تساعدنا على تحقيق تواصل ايجابي؟ وكيف نحقق التوافق الزواجي؟
مفهوم التواصل الزواجي:
         كل أشكال التعبير بين الزوجين  في كل وضعيات الحوار وفي كل المواضيع.
         التواصل بالمنطوق والمكتوب والإرشادي والإيمائي.
         هدفه هو نقل الزوج (الزوجة) من حالة التلقي السلبي إلى حالة التعبير الإيجابي.
         حسن التعامل واستعمال كل السبل والوسائل للتحقيقه.
اذا التواصل الإيجابي بين الزوجين هو، تبادل الرأي حول موضوع ما بين الزوجين، وإتاحة الفرصة بالتساوي لكل طرف ليعبر عن وجهة نظره كاملة، (دون أن يحتكر الحوار ظنا منه أنه فقط من سيضيف شيئا أو سيفيد الحوار والتقليل من رأي الطرف الآخر ولا يعيره أهمية) وأن ينصت كل طرف للآخر بعناية واعتمام محترما رأيه مهما كان مختلفا.
خصائص التواصل الإيجابي[2]:
التبادل: يعني أن الفعل التواصلي أينما كان وكيفما كان، وفي أي زمن كان، لابد وأن يحصل من خلال التبادل، هذا الأخير يلامس المعرفة والأحاسيس وغيرها، فالناس تتبادل في أي فعل تواصلي ماهو مادي وماهو معنوي رمزي أو هما معا.
اذا، فلينظر الزوج في ما سيتبادله مع  الزوجة والعكس ، وليعلم كل منهما أن في مضمون رسالته جانبا ماديا وآخر معنوي، وقد يتحكم ماهو معنوي في ماهو مادي.
القصد:  لا يوجد فعل تواصلي غير مقصود، حتى ولو نشأ هذا القصد لاحقا، فكل أفعالنا مرتبطة بوعي أو بدون وعي بأهداف نسعى لتحقيقها مع من نتواصل معه.
اذا، فلينظر الزوج ( الزوجة) في قصده وفي نيته قبل وبعد فعله التواصلي، لأننا لا نتحكم في كيفية تعامل الشريك مع رسائلنا.
الحضور:  معناه أن من خصائص الفعل التواصلي وجود طرفين متقابلين حاضرين، إلا أن هذا الحضور لا يشترط فيه أن يكون في نفس الزمان وفي نفس المكان، ولكن أعلى أشكال التواصل على العموم هي التي يتوفر فيها شرط الحضور زمانيا ومكانيا Face-To Face وفي العلاقة الزوجية تعتبر هذه هي الوضعية العادية.
اذا، فليقترب الشريك  ولينظر في حركات شريكه وطرق تعبيره، فإنها مداخل لفهمه، وليحذر من التعميم في الأحكام المبنية على الظاهر لا الباطن.
اللغة: هي خاصية ملازمة لأي فعل تواصلي، والمقصود بها كل أشكال التعبير المنطوقة أوالمكتوبة أو الإشارية، وهي متعددة بتعدد الألسن ومتباينة بتباين الثقافات، ولكل رسالة نصيب من الغموض يعزى لتعدد دلالاتها.
اذا، ليكن فعل الشريك مع شريكه واضحا، وأن يستعمل فيه كل أشكال التعبير المنتمية لثقافته ، وتجنب كل أشكال التعبير الغامضة التي تشككه في فهمه وفي قدراته، وتخلق نوعا من الفراغ العاطفي بينهما.
التأثير: معناه اننا لا ندخل في علاقة تواصلية كيفما كانت إلا ونحن نسعى بوعي أو بدون وعي للتأثير على المتواصل معه، وتأثيرنا يلامس كل أبعاد شخصيته أي الجانب المعرفي والجانب الوجداني و الجانب السلوكي والإجتماعي.
 اذا، ليكن فعل الشريك قاصدا التأثير الايجابي في شخصية شريكه في كل أبعادها، متجنبا كل أشكال التأثير المدمرة لنفسيته ولو كانت بنية خالصة.
أساسيات  التواصل الزواجي:
الاختلاف: كما سبقت الاشارة فان الفعل التواصلي يجب أن يحترم الرأي المخالف دون أي تعصب مؤمنا بالاختلاف التام الذي يمكن أن يكون بينه وبين الشريك، فالداخلين  في الفعل التواصلي باعتبارهم زوجين اختارى تشارك الحياة بينهما، مختلفون في كل شيء، في الثقافة، في القدرة على فك رموز اللغة، في الانتماء الإجتماعي الأسري، وفي التمثلات، وفي المعايير، وفي المستوى المعرفي.... ، ولإنجاح العملية التواصلية بينهما إذا يجب احتواء هذا الاختلاف.
الازدواج: معناه أن ماهية الإنسان وميولاته ورغباته تتقلب بين ثنائيات متناقضة، ( حب/ كره، خير/ شر، قصد نبيل / قصد سيئ، علو/ انحدار، تقدير / تبخيس....)، ومعنى ذلك أن الداخلين في العملية التواصلية الزواجية مهددون بتضارب مقاصدهم بناء على ازدواجية نفوسهم التي إما أن توافق الجانب الايجابي فتنجح تفاعلها، أو تعانق الجانب السلبي فتذمر تواصلها، وعلى كل شريك تغليب الجانب الايجابي في نفسه، والنظر و التعامل مع شريكه نظرة إيجابية لتغليب الجانب الايجابي لديه، فالايجابية تعدي والسلبية تنتقل كذلك.
التغير/ التطور: هو حالة اللاسكون أو الحركية الملازمة للإنسان إن في أفعاله أو أقواله أو معتقداته، هذا التغيير والتطور يهدد أي دخول في العلاقات التواصلية إذا لم يكن الداخلون فيها على وعي بالتطورات التي لامست كل واحد منهم نظرا أو فعلا، فلا تختزل شريكك في بعض أفكارهم وسلوكاتهم لأنها غير ثابتة بل متغيرة باستمرار.
طرق تطوير المهارات بين الزوجي:
1.     تخصيص وقت لكما: يجب أن يعود الزوجين نفسهما على أن يخصصا بعض الوقت لهما بين الحين والآخر إن لم يكن يوميا، ليس مجرد الجلوس معا لمشاهدة التلفويون مثلا، بل  لنقاش بعض الأمور في الحياة، الاهتمال بالمناسبات الخاصة بكم كذكرى الزواج مثلا لتجديد العلاقة والمشاعر التي أرهقتها مشاغل الحياة.
2.     الابتعاد عن الأنانية:  تجنب المواقف الأنانية مع الشريك، مثل الإفراط بالاهتمام بنفسك بعيدا عنه، وتجنب الحديث الأناني ولا تأخد المناقشات والأمور بصورة شخصية بل تحدث مع شريكك بكل حرية ودعه هو أيضا يحضى بهذه الحرية.
3.     الاهتمام بأوجه التشابه بينكما: التركيز على ايجاد أكبر عدد من الصفات المشتركة بينكما وتعزيزها، والتقليل من أهمية ما دون ذلك.
4.     كن حذرا من كلماتك: اختر كلماتك بعناية أثناء النقاش مع الشريك وخاصة عند محاولة اقناعه بالعكس، دون الوقوع في خانة الغرور أو التعصب للرأي.
كانت هذه بعض المهارات التي تحسن العلاقة بين الزوجين ليحققا من خلالها التواصل الايجابي السلس، وتجنب العديد من المشاكل التي يسببها سوء الفهم، فأغلب المشاكل التي أصبحت تؤدي إلى الطلاق في بلادنا إذا ما حققنا في سببها نجد الهوة التواصلية بين الزوجين فارغة عاطفيا واحتراما أدت بهما إلى طريق مسدود.
الخرس الزوجي:
إن عدم الاهتمام بالجانب التواصلي في العلاقة الزوجية قد يؤدي إلى الاهمال المتبادل أو ما بات يعرف بالخرس الزوجي أو الصمت الرهيب أو الطلاق الروحي، فالأصل في العلاقة الزوجية  التواصل، الحب، التضحية، حرارة اللقاء....الخ، أما إذا اقتحم الصمت هذه العلاقة فقد يتطور الأمر أن لايطيق الشريك شريكه، بخلاف مرحلة التعارف أو الخطبة التي يملأها الشغف والرغبة في القاء، فالبيت يصبح عبارة عن فندق للأكل والشرب فقط.
وتجدر الإشارة إلى أن الخرص أو الصمت الزوجي يختلف تماما عن الملل والروتين الذي يصيب العلاقة الزوجية المبنية على أسس متينة والتي يسهل عليها تجاوزه وتجديد المشاعر والأحاسيس، فهو أخطر من هذا بكثير لانه يهدد العلاقة بالانتهاء أحيانا كثيرة، وإن استمرت العلاقة فحفاظا على مؤسسة الزواج إن كان هناك أبناء.
والسؤال الذي يطرح في هذا الباب، لماذا الزوجة غالبا هي من يشتكي من الخرص الزوجي؟  ربما لأن الزوج يمكن أن يكون لديه متنفس آخر وقابليتة لأن ينشأ علاقات أخرى وارد، بخلاف أغلب النساء اللائي يكتفين بالتجربة الأولى والتركيز أكثرعلى الحفاظ على الابناء باعتبارهم العملة المربحة وراء الزواج.
بعض أسبابه:
-         عدم التوفيق في اختيار الزوج.
-         فتور في العلاقة الحميمية.
-         لا وجود حوار بين الزوجين تماما.
-         عدم حل المشاكل بشكل جذري والاكتفاء بالتغاضي عنها فقط.
-         تراكم المشاكل.
-         انعدام مساحة الحرية للزوجين.
-         تركيز الشريك على شريكه فقط، واهمال باقي الأنشطة التي يمكن أن تقوي شخصيتها.
-         كثرة الضغوط ( المادية، المعنوية، الشغل...الخ).
-         الخيانة الزوجية.
-         اختلاف اهتمامات الزوجين ( كرة القدم، الطبخ....الخ).
-         الادمان والتركيز على نشاط معين ( الانترنت، الأفلام...الخ)، وإلغاء الباقي.
-         العدوان والعنف الزوجي ( جسدي، لفظي، اقتصادي...الخ).
-         نقل المشاكل خارج البيت فتعزز وتتضخم.
بعض طرق العلاج:
-         معرفة السبب الأساسي، ولو صادفت مرحلة تحديد السبب معرفة الزوجة بأن زوجها على علاقة عابرة مثلا.
-         إغفال بعض الهفوات والبدئ من جديد.
-         التقرب من الله والمناجاة والدعاء للوصول للإطمئنان الروحي.
-         عدم إقحام الأبناء في المشكل، ومحاولة الوصول للحل بعيدا عن علمهم، للحفاظ على الصورة  الإيجابية للطرف المذنب.
بعض النصائح للمقبلين على الزواج:
-        الحب في الله سبحانه وتهالى.
-        التقدير المتبادل إلى حد كبير.
-        التشجيع المتبادل.
-        التفاهم ما أمكن.
-        المدح المتبادل.
-        تةافق تام.
-        لا تسمحوا لأحد بالتدخل في مؤسستكم كيف ما كان، لأن أي طاقة تأتي خارج البيت ستشوش على العلاقة لأنها تأتي بأفكار وقناعات خاصة وجديدة عنكما يمكن أن لا تتماشى معكما.
-        عيشوا كل لحظة على أنها آخر لحظة في حياتكم لأنها فعلا يمكن أن تكون كذلك.




[1] - الدكتور عادل حليم، استشاري مختص في مهارات الاتصال الزوجي، كورس الحياة الأسرية ( المشورة).
[2] - الدكتور عبد الجليل أميم، مدخل إلى البيداغوجيا أو علوم التربية، رؤية تربوية مغايرة، الجزء الأول.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire